بقلم// جهاد أيوب
الشهيد الفدائي المقا وم والأمين العام للإعلام المضاد محمد عفيف في ذاكرة من شمس، وفي عمق حضورنا وعملنا والمسيرة، كان ولا يزال مرجعيتنا في مساحة لا تعرف النسيان، زرعها بوضوح النقاط على حروفها حتى لا يحدث الخلل، هو مهمات في مهمة، وحسم في لحظات تتطلب الموقف، وأخ وصديق يعرف تسيير الأمور لمصلحة الهدف العمق المسيرة...هو ذاك القائد الفارس في إعلام أصبح أساس المعركة فكان جبهة مضادة لجبهات خبيثة في إعلام مرتزق ومنافق، وانتصر...
انتصر في أن يبني قلعة متينة سماتها الاخلاق والتواضع والإنسان الملتزم...والانفتاح والمواجهة بهدوء لكشف المعتدي، وحتى ننال المطالب...
انتصر في أن عشق الشهادة، وأحب أن يلحق بالسيد الصديق القائد الأمين والشهيد، فقد روحه، عانق دموعه، سبح في نهر الذكريات، توجع من صور عبرت، شعر بهدير موج الشهادة يقترب، خاض في مغامرة اللقاء فكان له ما أراد، ونال الشهادة إلى جوار سيده...
خمسة وخمسون يوماً ناضل في خريطة الحرب الهمجية وهو من خاض المعارك والحروب طوال مسيرته، سجل ومن فوق الدمار الذي زرع في الضاحية الجنوبية من كل لبنان على ايدي الصهاينة نصه المشرف، ووقف منتصباً شامخاً ثائراً معلناً بقاء راية شمس الأمة عالياً، يومها لم يخف ولم يقدم ورقة الانحناء، أعطانا قوة ودافعاً لنستمر بالمواجهة، ورغم كل الهموم والمسؤوليات التي حملها ورافقته في أصعب الظروف ظل أميناً علينا وعلى أوضاعنا وأحوالنا، وحتى النفس الأخير اطمئن على حضورنا...محمد عفيف زمن لا يتكرر، وإنسان لن تغيب شمسه، ومعطاء خارج الشللية والشخصانية والمحسوبيات، لا يشبه غير العطاء والموقف والمقا وم الملتزم والمؤمن.
قد نطيل الحديث عن الشهيد محمد عفيف وهو نبيل السيرة والقرار والمحبة، ولا يحتاجنا أن نكتب عن دوره في العلن وفي السر، فسره مقدس من خلال عمله، وعمله كان ملفتاً وواضحاً، وهذا يجعله قدوة، وقدوته في حسناته عند الله وعلى الأرض...
في التعامل معنا كإنسان كان يتخطى الخصام، ويبدد الأخطاء، ويرمم الإلفة، وبسرعة يجد الحلول دون شوشرة أو إدعاء...
وفي الإعلام فتح محمد عفيف الجسور بذكاء حتى مع من يخالفه النظرة الفكرة، كان شاملاً يغطي بمعطفه الجميع، وحاضراً في كل الظروف والمناسبات...المهم لم شمل الفريق الإعلاميين النقطة التي توجب الانطلاق كي نعيد البناء!
لا يفرض رأيه الإعلامي، بل يقدم لك أكثر من حل، يجعلك تفكر وتناقش وتقرر، كما لو كان تجربة إعلامية من آلاف السنين، ولكنه ودون شك قيمة جامعية إعلامية!
لا نكتب هذا لكونه رحل شامخاً، بل لكونه أمن وفعل وقرر وقا وم وانتصر...أمثال محمد عفيف لا يعرفون الانكسار، ويعيشون ما بعد الراية والحوار والحكاية..
وفي لحظات مؤثرة قبيل الاستشهاد اجتمعنا معه، واعترف بشوقه لمن حضر ومن لم يتمكن، وباح بمعالم الكلام راسماً صورة استشهاده التي طبعها ببصمة أنفاسه وطرزها بصفاء روحه...يومها أكد لنا استشهاده قبل الشهادة:" لا تستعجلوا الكتابة عني، انتظروني حتى استشهد"!
استشهد محمد عفيف في أرض المعركة، وظل ثابتاً في الوطن وتاريخ الجهاد والإعلام المضاد...